Saturday, April 4, 2009

شاب متدين -- خارج اطار البلوج



  • أحيانا عندما استقل سيارة تكسي، الاحظ أن بعض سائقي التكاسي يستدير بكامل جسده العلوي (أو فلنقل أكتافه) ورأسة بزاوية تتراوح بين الثلاثين الى الستين درجة أو اكثر، لينظر الى الراكية في الكرسي الخلفي، وقد لاحظت ان بعض هؤلاء يستدير في نظرة متفحصة للجزء العلوي من الجسم، بدءا من الخصر ومستمرا في التفحص الى الأعلى حتى يستقر نظره على الوجه. وسواء كانت استدارته للتفحص البحت، او لمجرد تولية اهتمامه للراكب حتى يسمع منه وجهته، او ان كانت حركة عفوية - واعتبرها كذلك في أغلب الأحيان- الا اني لا استطيع ان انكر امتعاضي الداخلي وغير الظاهر خارجيا علي عند حصول ذلك، فليس هناك ضرورة لأنظر اليه أو ينظر الي حتى يسمع وجهتي.

    عندما أشرت للتكسي هذه المرة - وقد لفتني صغر سنه بعدما أشرت له - وعندما هممت بالركوب، وجدته مستديرا لينظر الي في غير تفحص. أخبرته بوجهتي، وانطلق



  • بعد مسافة قصيرة من المسير، سألني أي طريق يذهب
    ما بعرف متل ما بدك، ما الي كتير على الطريق بصراحة
    ازا بدك بنروح من طريق المطار، أو من عبدون...
    معناتو طريق المطار

    بعد صمت قصير

    عاد من عبدون أقرب
    بالك يعني؟ خلص اوكي من عبدون ازن (ويبدو انه اساء فهم سؤالي: بالك يعني؟) اذ قال بعدها
    "بتفرقش" معي سواء من المطار أو عبدون، بس من عبدون أقرب والواحد زي ما تحكي اللهم عليه النصيحة
    ايوة فاهمة عليك، بس طالما بتحكي من عبدون أقرب خلص خلينا نروح من عبدون

    انتهى الحوار.. فسرحت بنظري خارج النافذة



  • بس دير بالك في رادار!
    تفاجئت به يصرخ محدثا سائق السيارة في المسرب المجاور لمسربنا والتي كانت على وشك التجاوز عنا
    لوّح له السائق الآخر بيده شاكرا، ثم استدرنا يمينا

    مضت ثلاثة أو اربعة دقائق -كنت قد سرحت فيها بتفكيري بعيدا - قال بعدها ضاحكا: مهو مش غريب انو الشرطة بتكرهنا
    لم انتبه لأربط بين كلامه هذا وتنبيهه للسائق قبل لحظات وبالتالي لم افهم كلامه، فسألته: عفوا، ما فهمت؟
    دوريات الشرطة.. ما بحبو سواقين التكاسي.. لأننا بننبه الناس لمكانهم
    ايوة ما انتو نوعا ما بتخربوا عليهم شغلهم.. وهمي المفروض في عدد معين من المخالفات المفروض تنكتب.. يمكن هيك الحكومة بدها
    حدثني بعدها ضاحكا عن ان الدورية ممكن ان تكون بسيارة خصوصي حتى لا ينتبه السائقين المسرعين وما الى ذلك.. وانتهى الحديث وقتها

    شوارع عديدة ودخلات عديدة، يمين ويسار ويمين ويسار مرات عديدة وأنا اتساءل في نفسي كيف يحفظون هذه الدخلات ولا يخطئون بها، حتى اذا عدنا الى شارع رئيسي آخر بعد مدة.. عاد يحدثني بعدما مررنا عن سيارة خصوصي تقف على جانب الطريق:

    شايفة.. هاي كمان رادار بسيارة خصوصي
    (طبعا الحديث السابق بديهيا أعاد نفسه لأنو ما عندي اشي احكيه بخصوص الموضوع.. وتحدث عن ما يريدون وأن ما يهمهم هو "لم المصاري" من جيبة الشعب والله عنو ما يعيش ولا يدبر حالو المهم همي يعيشوا) ثم انتهى الحديث



  • لم انتبه أكانت الإذاعة تبث من لحظة ركوبي ام غير ذلك، ولكني لما انتبهت الى انها تعيد بث خطبة الجمعة من اليوم ذاته مساء (يعني اف ام - الاذاعة الدينية من عمان بيتهيألي)، انتابني فضول كبير لمعرفة مقدار تدينه وسببه.. ذلك اني قلما رأيت شابا (او بالأحرى شبيب بما انو عمرو يبدو انو ما بيزيد عن العشرين سنة او نحوها) ولا زلت احاول ثني نفسي عن سؤاله اذ ليس لي اي علاقة بالموضوع وووو.. ثم قلت له:

    عفوا.. بس يبدو عليك متدين؟
    لم اعد اذكر جوابه تحديدا ولكنه تحدث عن ان احدنا لا يضمن عمره وان نومنا في الليل هو فعليا موت وكنت خلال حديثه ارد على اسئلته الحوارية باجابات قصيرة مستحثة اياه على الحديث، لكنه حين انتهى، ادركت اني لم اوصل له سؤالي تحديدا فعدت وسألته عن سبب تدينه

    ما بعرف بس يعني شوية غريب أو قليل انو الواحد يشوف شب بعمرك وزغير ومتدين.. ما بعرف يعني انتو بالبيت هيك متدينين ولا في سبب تاني؟

    أنا لما كان عمري عشر سنين توفى ابوي.. والحجة كمان ماتت قبل فترة مش طويلة.. ما كان مالو اشي.. راح ينام والصبح ما صحي.. والحجة نفس الاشي.. ماتت وهي نايمة

    كنت استمع بانتباه شديد وكان يحدثني عما حصل من موت اهله ويتخلل حديثه آيات من القرآن الكريم مع اسئلة حوارية كنت خلال ردي عليها اريد ان اسمع منه اكثر فاستحثه من خلال اجابتي على الاسترار في الحديث.. ثم صمت قليلا ثم عاد يحدثني

    حدثني عن سورة الكهف وفائدة قراءتها كل جمعة وقرأ من أولها وكان يربط ما بين الآيات والواقع الذي نعيشه .. ثم انتقل للحديث عن ايات اخرى من نفس السورة.. وكان يقرأ ويشرح باقتضاب لضيق الوقت اذ اننا صرنا على مقربة كبيرة من وجهتي

    صراحة أدهشني صغر سنة مقارنة مع علمه وما حدثني به عن سورة الكهف، اضافة الى طريقة حديثه، فخطر لي انه ربما انهى تعليمه الثانوي على الأقل، ولما سألته جاءتني اجابته على نحو ان الشهادة التي تنفع الانسان هي دينه وان ليس هناك افضل من تلك الشهادة.. طبعا وافقته على كلامه (وأحسست ببلاهتي عندما سألته ذلك السؤال) فتابعت مستدركة ان الانسان المتعلم لا يعني شيئا اذا لم يستفد من علمه، وان هناك العديد ممن يحملون الشهادات العليا ولكن ينقصهم الفهم، واحيانا تجد العكس، انسان غير حاصل على شهادة ولكنه مثقف و"فهمان" ويفوق المتعلمين بمنطقه واسلوبه.. وما الى ذلك.. وعاد فحدثني عن ان اباه توفي وهو في العاشرة من عمره وانه ترك الدراسة ليعمل حتى لا تمد امه يدها للناس.. ثم وصلتنا الى وجهتي

    عفوا بس ليش السؤال؟

    ولا اشي والله، مجرد فضول بس، زي ما حكيتلك يعني نادرا ما شفت شب بعمرك مع هيك مقدار من التدين فحبيت اعرف السبب مش اكتر، وكمان مرات بكتب عالنت عن سواقين التكاسي لأنو في فكرة نوعا ما سلبية منتشرة عنهم لانو ممكن واحد منهم يكون سيء فبيعطي انطباع انو كل السواقين متلو.. فانا نوعا ما بكتب عن هادا الموضوع

    لحظة بس خدي هدول

    أعطاني منشورات صغيرة فيها بعض الأدعية والنصائح الدينية.. شكرته ونزلت




  • الإنتري هاد نوعا ما ما الو دخل كبير بموضوع البلوج.. يعني نوعا ما القصة شوية مختلفة عن الإنتريز السابقة وما في من وراها هدف فعلي محدد.. بس بما انو عن واحد من سواقين التكاسي حكيت لحالي بحطو في البلوج مش رح يضر ازا ما كان فيه نفع او عبرة